الجواب : إن
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
الاختلاف اليسير في مواقيت الأذان للصلاة لا
يضر ولا يؤثر في صحة الصلاة ، وتيسيرا على الأمة فإن جبريل عليه السلام حينما كان
يعلم النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة علمه وقتين لكل صلاة وقال : بين هذين
الوقت وقت ، أي هناك أول وقت الصلاة وهناك آخر وقت لها ، وما بينهما هو وقت لأداء
الصلاة حاضرا في وقتها ، وأما اجتماع القلوب والألفة والمحبة بين المصلين فهي فرض
واجب ولا يجب التنازع والاختلاف على أمر جعله الشرع سهلا يسيرا ، روى أبوداود والترمذي
وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " أمَّني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت
الشمس، وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي يعني المغرب
حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام
والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر
حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث
الليل، وصلى بي الفجر فأسفر " ثم التفت إلي فقال : " يا محمد، هذا وقت
الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين" قال الألباني في
"صحيح الترمذي" (149) : حسن صحيح .
وهذا مثال
الاختلاف الأئمة في وقت صلاة العصر :
الاختلاف في مواعيد أذان العصر يرجع إلى اختلاف
المذاهب الفقهية في مواقيت الصلاة خاصة توقيت صلاة العصر ، وأئمة المذاهب الفقهية
في هذه المسألة على قولين :
الأول :
الأحناف :
يرى
الأحناف أن توقيت صلاة العصر يكون حينما يكون كل شئ مثليه ، ولذلك يتأخرون في أذان
صلاة العصر .
ودليل الأحناف ما رواه البخاري ومسلم عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِذَا اشتَدَّ
الحَرُّ فَأَبرِدُوا بِالصَّلَاةِ ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيحِ جَهَنَّمَ " .
يقول الإمام الكاساني رحمه الله في "بدائع
الصنائع" (1/ 315) :
[ الإبراد يحصل بصيرورة ظل كل شيء مثليه ؛
فإن الحر لا يفتر ، خصوصا في بلادهم . ] اهـ.
ويقول الإمام السرخسي رحمه الله في "المبسوط" (1/ 141) :
[ ولأنا عرفنا دخول وقت الظهر بيقين ، ووقع
الشك في خروجه إذا صار الظل قامة ، لاختلاف الآثار ، واليقين لا يزال بالشك .]
اهـ.
وهذا الدليل يمكن الجواب عنه بأن اليقين في خروج
وقت الظهر متحصل بالأدلة الصحيحة الصريحة ، وهو الذي أخذ به أهل العلم .
يقول
الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (2/ 36) :
[ ولم
ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة ، قال القرطبي : خالفه
الناس كلهم في ذلك ، حتى أصحابه ، يعني الآخذين عنه ؛ وإلا فقد انتصر له جماعة ممن
جاء بعدهم .] اهـ.
الثاني :
قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة :
يرى جمهور الفقهاء أن وقت أذان العصر يبدأ إذا
انتهى وقت الظهر ، وذلك عند مصير ظل كل شيء مثله .
ودليل الجمهور ما رواه البخاري ومسلم عن أنس
بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كَانَ يُصَلِّي
العَصرَ وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ حَيَّةٌ ، فَيَذهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى العَوَالِي
، فَيَأتِي العَوَالِي وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ " ، وفي رواية أخرى عندهما :
" أنه يأتي مسجد قباء والشمس مرتفعة " إشارة إلى بقاء حرها وضوئها ،
وأقرب العوالي مسافة ميلين ، وأبعدها مسافة ستة أميال " .
قال
الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" :
[ لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين
وثلاثة ، والشمس بعد لم تتغير بصفرة ونحوها ، إلا إذا صلى العصر حين صار ظل الشيء
مثله ، ولا يكاد يحصل هذا الا في الأيام الطويلة .] اهـ.
والراجح :
هو قول الجمهور في أداء صلاة العصر في أول وقتها .
لمزيد من الفائدة
يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [
فتاوى عامة رقم : 1706 ، 2227 ، 8376 ، فتاوى قضايا معاصرة رقم : 7 ،
1143 ] .
والله
تعالى أعلم .
|